الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية فراغ امني ومؤسساتي في منزل بوزيان والقطار.فهل تخلّت الدولة عن دورها؟

نشر في  02 جويلية 2014  (14:57)

غياب شبه كلي لمعالم الدولة و فراغ امني ومؤسساتي مدقع. نسق الحياة بهما بطئ بل ومعطل. اذا قٌدّر لك التوجّه نحو منزل بوزيان بسيدي بوزيد او القطار بقفصة، فلا تستغربنّ وحشة المكان ولا تأخذنّك الدهشة من الابواب الموصدة لما يمكن ان يمثل السلطة هناك. مدينتي اشباح باتم معنى الكلمة.

اذا اردت التنقل من مركز مدينة سيدي بوزيد الى معتمدية منزل بوزيان، عليك استغراق اكثر من 70 كلم. مسافة طويلة وشاقة يصبح معها السفر من والى منزل بوزيان شبه مستحيل مع تحول شمس الظهيرة الى الغرب بما ان حركة السفر لسيارات الاجرة تنعدم تماما. رغم ذلك لا يزال اهالي بوزيان يتكبّدون عناء يوميا في الالتحاق بسيدي بوزيد لاستخراج وثيقة او طلبا لخدمة او استفسارا عن امر في ظل عدم اشتغال مركز الحرس الوطني والمعتمدية. البديل الذي اقترحته السلط الجهوية، بل فرضته على الاهالي هو التحول الى معتمديتي المزونة او الرقاب.

لكن هذا الحل الوقتي الذي ارتأته السلط لا يزال مرهقا ومكلفا. يقول سالم ، العائل لاربعة اطفال والعامل باحدى حظائر البناء: "هل يعقل ان يكلفني استخراج بطاقة عدد 3 ما يقارب 15 دينار جراء نفقات التنقل الى احدى المعتمديات المجاورة او الى مدينة سيدي بوزيد. بينما يستمر اغلاق مركز الحرس الوطني المحاذي لبيتي؟"

بعد عام كامل من حرقه في احدى المظاهرات المنددة باغتيال ابن الجهة محمد البراهمي. وهي المرة الثانية التي يتعرض فيها الى الحرق منذ اندلاع الثورة التونسية لا يزال مركز الحرس بمنزل بوزيان موصدا ابوابه.في حين خيّر معتمد الجهة الانزواء بمكتب قصيّ في مقر ولاية سيدي بوزيد للاشراف عن بعد على المعتمدية التي اوكلت له مهمة السهر على مشاغلها.

بينما اضحى اخرون يتحاشون التوجه الى مراكز الحرس بكل من المكناسي او الرقاب او المزونة، تفاديا لنبرة التقريع التي يصفعهم بها اعوان الامن، من قبيل " ريت كيف حرقتوا المركز و في الاخير استحقيتونا باش تقضيو مصالحكم". بالاضافة الى عبارة "ارجع غدوة" الروتينية التي استأنس بها اهالي منزل بوزيان اذا تحوّلوا الى اي اقرب مؤسسة امنية او ادراية لهم. النقابي والناشط السياسي بالجهة عبد السلام الحيدوري لا يخفي بدوره احساسه بالضيم وهو يتّهم الماسكين بزمام السلطة باعتماد سياسة العقاب الجماعي في حق منزل بوزيان، ذاكرا ان "اعادة المؤسسات الخدماتية كان مطلبا ملحا لكل من الاتحاد المحلي للشغل وطيف من السياسيين والقرويين دون ان تعيرهم السلطات اهتماما.

في ظل هذا الانعزال شبه الكلي لمنزل بوزيان  والفراغ المؤسساتي تطارح عدد من الشباب في اكثر من مناسبة مسألة التسيير الذاتي للمعتمدية، وذلك عبر تكوين خلايا تعنى بالاشراف على المؤسسات العمومية المغلقة. وال يوم الناس هذا لم تحسم الدولة امرها في اعادة تمركزها بالجهة.

اما في معتمدية القطار التي لا تبعد سوى 20 كلم عن ولاية قفصة فان تراكم الضغوطات المجتمعية و الادارية والتنموية قد يتسبّب في اغلاق المؤسسة السيادية الوحيدة في الجهة. حيث تقدم الكاتب العام لبلدية القطار مصطفى عامر باستقالته الى والي الجهة، مبررا ذلك بثقل المسؤوليات الملقات على عاتق هذه النيابة الخصوصية.

ففي ظل اغلاق ابواب مركزي الحرس والشرطة في جانفي الماضي وتحصن معتمد الجهة بمقر ولاية قفصة ، اصبحت البلدية هي الوِجهة والمُتنفس الوحيدين لاي حراك احتجاجي غاضب. طالبي التشغيل و مريدي تحرّك عجلة التنمية والمحتجين على حرمان الجهة من حقها العادل في التشغيل في شركة فسفاط قفصة وغيرهم يوجهون نظرهم صوب البلدية كلما انسدت الافاق امامهم. يقول عضو الاتحاد الجهوي للشغل بالقطار مصدق وناس: "ما تعيشه القطار من عزلة تامة لا يقتصر فقط على غلق ابواب مركزي الحرس والشرطة والمعتمدية بل ينجلي في النسق البطيء الذي تعيش على وقعه ادارات اخرى على غرار الادارة الجهوية للفلاحة المشلولة بالكامل وادارة الشؤون الاجتماعية التي تعمل بشكل سري.

هكذا اذن تحولت معتمديتي منزل بوزيان من لاية سيدي بوزيد و القطار بقفصة الى منطقتين معزولتين. الامن فيها محض اتفاق جمعي بين الاهالي والخدمات اليومية للمواطن تكاد تكون منعدمة. واللافت في الامر ان هاتين المعتمديتين تعدان مسلكا يوميا للعشرات من سيارات التهريب دون اية رقابة تذكر. اليس التهريب صنوا و توأما للارهاب؟

محمد الجلالي